السبت، 23 يوليو 2011

رحلة الشتاء والصيف


رحلة الشتاء والصيف

إلى حتفك اليومي سافر
إلي حيث تسكن الريح بعد هدوئها ...
إلى حيث تستريح الظلال بعد غيبتها
وخيبتها ...
لم يعد شيء من البقاء يجد ...
والمكان لم يعد هاجساً يشلك كلما عزمت على المضي .. .
قتلك الحنين والحرمان والشبق الثوري ...
فإذا اخترت شارعاً . .
ليكن مستقيماً كي لا تلتوي دوائراً
مثلما قال سائق الحافلة لما ضاق ذرعاً بمهنته
"
لو أن الشارع لا يعرف إلا الأمام لوصلت القمر مذ سنين
لكني أدور حولي في المسافات مذ عشرين عاماً ولم أصل ... "

لا شيء...
لا أصدقاء
ولا أغنيات ولا دمى للأطفال . .
لا شارع يعرفك ولا امرأة تطل من عشقها إليك . .
وقد ذكرتك بالموت على أنه انتصارك عليه . .
وقد تذكر حادثة هنا وحادثة هناك ؟
عاشقة تحمل حيفا بين يديها
وقد تهديك قبلة في خلسة من الكرمل الموتور أهله ...
وتدفن صباحكما هناك .. ولا تعود بعدها
لا أنت عدت
ولا هي . . .
ولم يبقى سوى سروة تميل لكل عاشقين
لما حسبتم أنكم وحدكم المنفردون بالزمان
والكرمل يسخر من الزمان ..

وقد تذكر صديق هناك وصديقاً هنا . .
واحد يعبث بالطفولة ويرسم الرمل ...
يكبر المدى وتكبر الأحلام الصغيرة . .
ولما اعتقدت بأنكما باقيان ..
جاءته موجه لتعلمك فنك الرثاء مبكراً
ولتذكر أن السفر له ميقاته ...
فخذ ميعاد التجلي وانطفأ . .


وواحد ...يحملك إلى ذاكرة الندى . . .
إلى شوارع من الياسمين ..
إلى أغنيات من الأندلس . .
ولما تأت لحظة من القهر . .
يتركك عند نافورة في قرطبة . .
وبعض الأمسيات ...
وقد يقول التراب ما يشاء ..
لكن أمي قد قالت ما تشاء
بأن التاريخ لا يعرف شجرة مهما علت ، طالت سمائها . .

وقد تذكر حكايتك مع اليتم ...
ومع التشرد ...
حافياً تقلب الشوارع ولا تستكين
إلا إلى زاوية في درج وعيك . .
لم يعد يُبكيك لا الموت ولا الخيبات الصغار
ولا رحيل الشخوص ولا لذعة التفاصيل
هويت من قافلة في رحلة بين الشتاء والصيف
وقال اعرابي أنه لم ير في هيئتك عابر قبل اليوم . .
كان العطش قد أنهك ساعديك ..
بكيت حتى جفت الدموع . .
ومذ ذاك اليوم والاعرابي يسقيك
وأنت تشرب . .
والظمأ يهزأ من كليكما . .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق