الخميس، 7 يوليو 2011

لم تأتِ

لـــــن تــــأتـــــي
 فادي عاصلة
لم تأت في حلمي،لتخرج هذا المقاتل مني وتعيدني طفلاً يلهو والرمل حكايته مع البحر، على قدر اتساع الحنين لم تأت،وعلى قدر احتمال الجنون لم تأت، وعلى قدر الاقتدار لم تأتِ،وقد قال عاشق ضل الطريق في أروقة بلنسية عشرين عاماً يفتش عن ظلها : " خذيني لحناً كي أتسرب حروفاً بين مقاماته،فلا تري مني إلا هذا الأثير السرمدي،كثيراً ما فقدتني لأجدك أسطورة اغريقية ".
لم تأت في حلمي،قال صديق : دعك من رحلة الشوك،فالدرب يغتال سالكيه،وأنت ثوري لا يجيد إلا حكمة النار،فقلب هذا الجمال على مهل،علك تولد في شتائنا القادم قصيدة أو نصاً يتيم ... "
لم تات في حلمي،كان الحلم أصغر من ابتسامتي،وأكبر من سنينها،أبعد من خطوتها وأقرب من دمي،ومن  خراسان إلى طليطلة،ومن فاراب إلى قرطبة،أو من رام الله إلى حيفا، كل شيء كان ضدي،أنت ضدي،والأرض ضدي،الماء والهواء والسماء ضدي،وأنا ضدي ...
لم تأتِ في حلمي،غريب عن الكون أنا،رحالة المدى إلى جحيم الخفق،وراق المنافي في رسائل الاغتراب ومرسال الندى إلى مكر الصباحات...
لم يقل الكلام ما قالته،ولم تحمل نبرتي في غليان ضجيجها أو غليان الموقف،كانت تحملق في المسافة بين كتفي والفراغ،كان شعرها حكاية من الأندلس ويداها كتاب من بغداد يفتح الحكمة كلما ضاق بها بيت،لم يحمل السيف ثأري،ولم تكن لتعيدني إلى حقيقتي الاولى دون أن أطرق دهشتها وأبادر إلى الشارع دونها ...
الحلم ثورة الأمنيات،تمرد النفس على صاحبها،اندفاع الرغبات إلى سطح التصور،لم تأتِ لأني لم أحمل جرأة استقبالها،بل لأني لم أحلم بأنها قد تأت في حلمي،لم تأت في حلمي،لكن زائراً مر بباب بيتي ذات حزن فقال : من تلك التي كانت تغني فوق مشربياتك ،وانسلت من رتاج حديقتك تلم الغيم لشتاء ليس بعيد ؟
لا نرى ما نرى،ولا نحلم إلا بقدر ما نعتقد أننا نريد،افتح بابك للريح ولا تستريح،القناعة كنز يفنى،القناعة كنز سريع التلف،خذ  حاجتك من الموت ورده إلى ذويه،أغرز أظافرك فيك  قبل أن ينهشك الآخرون،لما لم تذهب أنت إلى موتك أو حقيقتك أو عشقك أو إليها ؟ وقعدت تنتظر أن تأتي وأنت تعرف أنها لن تأتي، لكي تكتب ذات يوم نصك : لم تأتِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق