الأحد، 17 يوليو 2011

عدنان العفن

عدنان العفن

فادي عاصلة


كنا ثلاثة،عدنان العفن،وغريب البحار وأنا،جمعتنا صداقة طفولية امتدت من الصف الثاني ابتدائي وحتى السادس،في مدرسة الشيخ رائف،عدنان العفن لقبناه بالعفن لأنه لا يغتسل مطلقاً إلا بالمطر،فقد كان ينتظر فصل الشتاء على أحر من الجمر،ولا يمشي في الشوارع إلا حين يهطل المطر،أما غريب فهو أصلاً غريب ،يمد حبلاً ربطه في مكنسه ويجلس على شرفة منزله يصيد السمك ساعات طويلة.

رأيت كلاهما آخر مرة في الصف السادس،غابوا عن مخيلتي تماماً ، بعد خمسة عشر سنة وفي خلال عبوري شارع صلاح الدين في القدس،سمعت شخصاً يناديني باسمي ،حضنني،لم أعرفه بداية ولكنه كان عدنان العفن بعينه.

مضينا معاً لمقهى الشرق في البلدة القديمة في القدس،حكى لي الكثير الكثير من الاشياء،يصلي في الأقصى كل يوم جمعه،يعمل في مطعم " احلا شيبوديم " ( ألذ المشاوي ) في بيتح تكفا،بجوار تل أبيب،يتقاضى راتب شهري لا يضاهى، خطب لبنى المالك،فتاة كانت في صفنا ،حاولت تذكرها ولم أفلح،توفيت أمه قبل ثلاث سنين،أعتقل لمدة اسبوع بعد ان كسر يد وأنف " ايلي شنور " أحد الزبائن اليهود للمطعم بعد ان قال له " أتا كيلف عربي " ( أنت كلب عربي ). وآخر ما قاله أن الغريب قد انتحر ... لا أحد يعرف أسباب انتحاره،لكنه التقاه قبل ان ينتحر باسبوع ،كان يدرس العلوم السياسية في جامعة " بار ايلان " وقال له : " أكبر كارثة ان تقضي عمرك بحاراً وتكتشف في نهاية المطاف انك كنت السمكة الوحيدة التي ينخر الطعم باحشائها ...

قبل أن نفترق سألت عدنان العفن عن أخباره مع المطر ،نظر بأسى،نظرة عامل مصلوب،لم تعد الدنيا تمطر يا صديقي،كل ما هنالك سماء كاذبة،تتلبد بها غيوم كاذبة،ويسقط فوقنا مطر كاذب ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق