الجمعة، 20 يوليو 2012

يا جليلة

يا جليلة ...
ها أنت يا جليلة رضيت بالعلم شريكاً، لكن القرية لم ترض لك به، وراسلت العلماء حتى بت تعيشين بين الاضبارات ولفافات الورق.

ها أنت يا جليلة، تكبرين، وتكبر فيك الأسئلة، تخرج تقشر طفولتها، ثم تخدش البراءة التي كانت خلفها، نحو أسئلة الوعي الكبرى، أين المرأة من أطروحات الفقه، وأين فقيهنا من الاجتهاد، وأين الجهاد وأين وأين.

لكنك يا جليلة تخرجين من أسئلة الوعي، ومن دوائر العلم، نحو همومك الشخصية الصغيرة، تنظرين في المرآة لترين الأنثى فيك، شعرها الفحمى المتدلين على كتفين متناسقين، ينسابان بألق ليلتقيا في منتصف التقاء مع رجلين كشعاعين في ليل ضليل. تحدقين لترين كيف ذبلت عيناك سريعة، وقد اعتقدت أن الوقت يطول، لكن الأشياء في انتهاءها أسرع منها في انطلاقها.

تنظرين إلى عمرك، يتآكل سريعاً، تسمعين همس جارتك : " قد بارت الفاتنة "، وتعرفين في أصول لغتك العربية أن البوار هو الهلاك، تبكين في صمت، ولا تسائلين الأمل، لأن كرامتك تأبى أن تُلدغ من جحر مرتين.

بلغت الثلاثين يا جليلة، فهل فكرت لما أنت مقبلة على العلم بهذا الشغف ؟ أهو النقص يا فاتنة ؟ لتصارحي ذاتك، أهو رغبة في إخفاء أشياء أُخرى ؟ لما تبكين إذاً كلما سمعت بكاء طفل ؟ ولما تنظرين في المرآة مراراً ؟ ولما تسترقين النظر من خلف شباكك إلى الشارع الذي لا يمر فيه أحد ؟

يا جليلة ما كل ما يتمنى المرء يدركه، ولكن ماذا أدركت يا جليلة ؟ ما تجدي علومك يا جليلة في هذا البلد القفر ؟ فالقرية لا تسمع إلا الرجال، والكتاب لا يعلم فيه إلا الرجال، والموت لا يواجهه إلا الرجال، فما لك وللعلم وللقرية ؟ كآنية أنت يا فاتنة، لست أكثر من ذلك، يا فاتنة والوقت يمضي فاذكري هذا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق