الاثنين، 25 يونيو 2012

السقوط في الشرك مرتين ...
من حسين البرغوثي إلى خالد عودةالله

فادي عاصلة
في تسعينيات القرن المنصرم، ارتكبت جامعة بيرزيت خطئاً فادحاً سيظل كلعنة يطاردها بحق الشاعر والمفكر حسين البرغوثي حين أُقصي من خلال فجوة في اتفاقية التوظيف تكون منفذاً للادارة باقصاء من تشاء والعفو عمن تشاء، شبح البرغوثي الذي لم تُعرف قيمته في وقتها ظل يطارد الفلسطينيين ليعرفوا لاحقاً أي جُرم ارتكبوه بحقه، وهو نفسه صار موضوع أسبوع فعاليات الثقافة في الجامعة نفسها بعد سنين أي في العام 2006. وفاة البرغوثي المبكرة عام 2002 لم تعلن وفاة مشروع فلسطيني مبكر،بل أعلنت ولادة أكاديميا فلسطينية مشوهة وعرجاء ستفرز ذاتها مراراً.
،من ذات الفجوة التي أقصي منها حسين البرغوثي يُقصى الدكتور  خالد عودة الله محاضرة علم الاجتماع في جامعة بيرزيت ، ومن ذات المنفذ يلج ذوي الأمر ليُحًّكمو في الصراط المستقيم.
لم يكن اقصاء البرغوثي إلا لكونه شخصاً متميزاً يحكي بلغة لا يفهمها ذوي السلطة والأمر، وليس اقصاء خالد عودة الله إلا لكونه خارجاً عن الصف السلطوي ذاته.
خطوات الأكاديميا الفلسطينية في السنوات العشرين الأخيرة وتقاربها المُفزع من السلطة وصولاً إلى حالة التماهي والاحتواء والتي نراها في السنوات الأخيرة، هي حالة خطيرة سيكون لها عواقب كارثية على المعرفة والوعي في فلسطين.
إن اقصاء شخص كخالد عودة الله، هي  إشارة لأزمة حقيقية، وإن اخضاعه لتحكيم مجموعة من الأقزام والفاشلين المنتجين عبر أجهزة السلطة، كما حدث لحسين البرغوثي هي مفارقة واقع مأزوم يعيشه الفلسطينيون.
فهل أنهت جامعة بيرزيت كل همومها وانشغلت بعودة الله؟ وإن كانت تريد أن تكون مهنية ونزيهة في عملها، فيجب عليها أن تطرد أولاً عاملي المكتبة الذين حولوها إلى كافتيريا، والذين تركوها مقراً للجلسات الحميمية ونقاشات الأصدقاء، وأن تضع حداً لبيع الوظائف في الجامعة والاعلانات الوهمية التي تنشرها في الصحف لوظائف تم حجزها من أشهر، وأن تكف يد مركز تطوير الاعلام الذي تحول إلى مؤسسة أكبر من دائرة الاعلام ذاتها وبات الآمر الناهي فيها، وأن تجلب كفاءات بحجم خالد عودة الله وفصل المحاضرين الذين لا يفقهون في تخصصاتهم شيئاً، وأن وأن وأن ...
إن  التراجع مستمر للجامعات الفلسطينية  يبدأ من هنا، من تحول الجامعة إلى مشروع تجاري بامتياز تشرف عليه السلطة، ينتج ما تنتجه ويقصي من تقصيه، حسين البرغوثي وخالدة عودة الله نموذجان كافيان لاستشراف المستقبل الأسود الذي ينتظر الأكاديميا الفلسطيني عامة وجامعة بيرزيت خاصة.
الجامعة هي مستقبل الدول ومعقلها، من أروقتها يخرج الثوار والمفكرون والكتاب والشعراء والقادة، وفي مكاتبها تُرسم استراتيجيات الدول ودراسة السياسات والأنظمة، وبها يعرف مستقبل الدول والشعوب، الحادثة بحق خالد عودة الله لن تضر به كونه صاحب علم ومعرفة سيجد طريقه في العلوم، ولكن العلوم نفسها لن تجد طريقا في جامعتنا، والبشرى من الحادثة لن تقوم قائمة لوطن يقصي العارفين فيه... 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق