الاثنين، 25 يونيو 2012

اليتيم ...


إلى الأصدقاء في حيفا وعكا وشتى المدن ...



مثل اليتيم صرتَ

لا رجال تطل من الأفق لتغريك ببعض حياة، وإمكان ...

لا فارس يعد أسطورة جديدة ليملأها فيك  وفي الزمان ...

هذا حصاد القرون الغابرات أنت تدفعه ، غربة من وقت ومكان

فما ترك لك الفاتحون بأرضك ؟

وما ظل إلا الخواء من سنيك السمان ؟





مثل اليتيم صرتَ ...

تفتح عينيك على البلاد فلا تراك ...

لا شمس في الصباح، لاندى، ولا فراشات

لا لغة عربية عشقتها،ولا قهوة ، ولا قوافل ولا جهات ...

لا رشدي ينتفض من وحي حزن، لا توحيدي يهز السمات ...

لا جاحظ ولا متنبي

لا نيل ،ولا فرات

مثل اليتيم صرتَ

لا تر أماً بين الأمهات ...

وها الجوع يقتلك يا أبا ذر

لم تشهر سيفك في غير عصرٍ

أيرضى أبا ذر بالفتات ؟

رحمك الله مثله، وحيداً ولدت، وحيداً تعيش ...

وحيداً تُبعث ...

يوم الممات ...



مثل اليتيم صرتَ ...

تفتح عينيك على البلاد فلا تراك...

تثير فزع الأغراب  والوجوه ...

كم خبئت قلبك في كرمل بهي المدى

كي لا يروه ...

كم غنيت للسور في عكا

فأرديت الغزاة دون أن يغزوه

وحملت جيشاً فوق الريح

لئلا يمر المسيح، مرة أخرى فيصلبوه ...



مثل اليتيم صرتَ

تفتح عينك على البلاد فلا تراك

ولا ترى إلا فراغ البلاد من الأناس ...

هي غربة، وغربة الأوطان أشد على القلب

من جُل المآسي ...

تواسي فيك حزنك، يضحك الحزن فيمن تواسي ؟

كليب لم يأخذ بثأره، وكل يوم ينكل بجثته ألف جساس ؟

لتحمل دم القبائل يا سالم ،حتى تعود القبائل قبائلاً

خذ ترسي ودرعي وفاسي

ورد ما ارتد منا، قد أعياك ما أعيى مراسي ...

كي لا تُرفرف الهزيمة من جديد فوق أرضك،

وكي لا ترَ بعد اليوم

راية من خطين ونجمة من شكل سدادسي









مثل اليتيم صرتَ

تفتح عينيك على البلاد فلا تراك

تسخر من جواز السفر ولون الهوية

أنت منهم بمحض اللون، لكنك لست منهم ...

واللون دون السياق نقص

والمعنى في سياق الحزن فيك مبهم ...

أنت منهم بمحض اللون، لكنك لست منهم ...

أنت يتيمٌ،

وكم من يتامى في أرضنا لم يتيتم ...





فادي عاصلة

20 – 10 – 2011




السقوط في الشرك مرتين ...
من حسين البرغوثي إلى خالد عودةالله

فادي عاصلة
في تسعينيات القرن المنصرم، ارتكبت جامعة بيرزيت خطئاً فادحاً سيظل كلعنة يطاردها بحق الشاعر والمفكر حسين البرغوثي حين أُقصي من خلال فجوة في اتفاقية التوظيف تكون منفذاً للادارة باقصاء من تشاء والعفو عمن تشاء، شبح البرغوثي الذي لم تُعرف قيمته في وقتها ظل يطارد الفلسطينيين ليعرفوا لاحقاً أي جُرم ارتكبوه بحقه، وهو نفسه صار موضوع أسبوع فعاليات الثقافة في الجامعة نفسها بعد سنين أي في العام 2006. وفاة البرغوثي المبكرة عام 2002 لم تعلن وفاة مشروع فلسطيني مبكر،بل أعلنت ولادة أكاديميا فلسطينية مشوهة وعرجاء ستفرز ذاتها مراراً.
،من ذات الفجوة التي أقصي منها حسين البرغوثي يُقصى الدكتور  خالد عودة الله محاضرة علم الاجتماع في جامعة بيرزيت ، ومن ذات المنفذ يلج ذوي الأمر ليُحًّكمو في الصراط المستقيم.
لم يكن اقصاء البرغوثي إلا لكونه شخصاً متميزاً يحكي بلغة لا يفهمها ذوي السلطة والأمر، وليس اقصاء خالد عودة الله إلا لكونه خارجاً عن الصف السلطوي ذاته.
خطوات الأكاديميا الفلسطينية في السنوات العشرين الأخيرة وتقاربها المُفزع من السلطة وصولاً إلى حالة التماهي والاحتواء والتي نراها في السنوات الأخيرة، هي حالة خطيرة سيكون لها عواقب كارثية على المعرفة والوعي في فلسطين.
إن اقصاء شخص كخالد عودة الله، هي  إشارة لأزمة حقيقية، وإن اخضاعه لتحكيم مجموعة من الأقزام والفاشلين المنتجين عبر أجهزة السلطة، كما حدث لحسين البرغوثي هي مفارقة واقع مأزوم يعيشه الفلسطينيون.
فهل أنهت جامعة بيرزيت كل همومها وانشغلت بعودة الله؟ وإن كانت تريد أن تكون مهنية ونزيهة في عملها، فيجب عليها أن تطرد أولاً عاملي المكتبة الذين حولوها إلى كافتيريا، والذين تركوها مقراً للجلسات الحميمية ونقاشات الأصدقاء، وأن تضع حداً لبيع الوظائف في الجامعة والاعلانات الوهمية التي تنشرها في الصحف لوظائف تم حجزها من أشهر، وأن تكف يد مركز تطوير الاعلام الذي تحول إلى مؤسسة أكبر من دائرة الاعلام ذاتها وبات الآمر الناهي فيها، وأن تجلب كفاءات بحجم خالد عودة الله وفصل المحاضرين الذين لا يفقهون في تخصصاتهم شيئاً، وأن وأن وأن ...
إن  التراجع مستمر للجامعات الفلسطينية  يبدأ من هنا، من تحول الجامعة إلى مشروع تجاري بامتياز تشرف عليه السلطة، ينتج ما تنتجه ويقصي من تقصيه، حسين البرغوثي وخالدة عودة الله نموذجان كافيان لاستشراف المستقبل الأسود الذي ينتظر الأكاديميا الفلسطيني عامة وجامعة بيرزيت خاصة.
الجامعة هي مستقبل الدول ومعقلها، من أروقتها يخرج الثوار والمفكرون والكتاب والشعراء والقادة، وفي مكاتبها تُرسم استراتيجيات الدول ودراسة السياسات والأنظمة، وبها يعرف مستقبل الدول والشعوب، الحادثة بحق خالد عودة الله لن تضر به كونه صاحب علم ومعرفة سيجد طريقه في العلوم، ولكن العلوم نفسها لن تجد طريقا في جامعتنا، والبشرى من الحادثة لن تقوم قائمة لوطن يقصي العارفين فيه...